امرأة لا تخشى الوداع بقلم الكاتبة مــروة أحمـــد
هــذا العــرض،صدقينــي يــا رؤى أنــا أعمــل عنــده
مجانــا منــذ زمــن بعيــد،صــاح األب ال تصدقيــه
أوال هــو ال يعمــل عنــدي هــو يمــارس شــغفه فــي
االســتوديو،ثــم أنــه حصــل علــى ســيارة جيــدة يحلــم
بهــا أي شــاب عنــد التحاقــه بالجامعــة ضحــك
الجميــع،ولكــن ظــل عمــاد يشــاكس والــده،قائــا:
العامــة ضحكــوا جميعــا،وأضافــت رؤى،يبــدوا أن
والــدك يــا عمــاد يدللــك كثيــرا زم عمــاد شــفتيه
متصنعــا الغضــب،وهــو يزمجــر ليتنــى لــم اعرفكمــا
ببعضكمــا،لقــد تحالفتمــا علــى،عمومــا ســاتخرج
هــذا العــام ألصبــح معيــدا بالكليــة وإذا تخصصــت
ألجــل هــذا التحالــف أعوامــا واعــوام،ضحكــوا
جميعــا وغــادر عمــاد ووالــده المكتبــة بعــد االتفــاق
مــع رؤى انهــا ســتنضم لالســتوديو مــع بداية األســبوع
القــادم .
رجعــت رؤى للمنــزل تغمرهــا ســعادة كبيــرة وتروادها
أحالمــا ســعيدة،تشــعر انهــا كمــن وجــد أخيــرا بداية
الفصل الثالث في االستوديو
افاقــت رؤى مــن شــرودها حينمــا اوصلتهــا ســيارة
األجــرة امــام بــاب الجامعــة،وبمجــرد دخولهــا
كان عمــاد المعيــد الصديــق بالكليــة واقفــا مــع
مجموعــة مــن زمالئــه اســتأذنهم وبادرهــا بالتحيــة:
صبــاح الخيــر،الباشمهندســة متأخــرة ليــه؟ وكمــان
يبــدو أن هنــاك شــيئا يحتــاج أن نتحــدث بشــأنه،فال
يمكــن أن يكــون المصــور الوحيــد الــذي ســيصور
فرحــى تعيســا بهــذا الشــكل!! أي حــظ هــذا!
اتســعت ابتســامة رؤى لســماع خبــر فــرح عمــاد
فهــي كانــت تعلــم بقصتــه المتعبــة مــع ماريــا وكــم
الصعوبــات التــي واجهتهــم كشــابين فــي بدايــة
ولــم يســتطع أن ينســاها طــوال الثــاث ســنوات التــي
اضطرهــا أهلهــا أن تســافر فيهــم وتبتعــد عــن عمــاد
ولكــن االتصــاالت لــم تنقطــع بينهمــا حتــى عــادت
وعــاد الــود مــرة أخــرى،عمــاد شــاب مجتهــد ولــه
مســتقبل مشــرق باإلضافــة إلصــراره وتصميمــه علــى
أجابــت رؤى:
أنــا فــي احســن حاالتــي اآلن لســماع هــذا الخبــر
الســعيد،بلــغ العــروس مباراكتــي وتفرغــا لــي يومــا
حتــى أقــوم بتصويركمــا فــي أماكــن مختلفــة واعمل
لكــم (فوتــو سيشــن) الئقــا.
عماد:
علــم وينفــذ حضــرة البــاش مصــورة ضحــكا ســويا
ثــم اســتأذنته حتــى ال تتأخــر عــن محاضــرة دكتــور
حســن وهــو مــن أقــدم المحاضريــن بالكلية،يعشــق
الفــن ويحفــظ تاريــخ الفــن اإلســامي كاســمه،واكن
يحدثهــم عــن مشــروع تخرجهــم قائــا:
إن الفــن اإلســامي ملــئ بالفــن والزخــارف وأريــد
مجســماتكم تتحــدث بالنيابــة عنكــم حتــى
التصويــر أريــده أن يكــون حيــا ينقــل شــعورا
باألصالــة والمعاصــرة،موعــد التســليم بعد أســبوعين
مــن اآلن،بالتوفيــق لكــم جميعــا.
أســبوعين وتتخــرج رؤى وتبــدأ فــي ممارســة المهنــة
التــي تعشــقها والحيــاة العمليــه التــي إرادتهــا
لنفســها،وبالرغــم مــن حبهــا لالســتاذ جميــل ولكنها
لــن تظــل حبيســة االســتوديو،فتصويــر بــرج ايڤل لــن
يتــم مــن غرفــة تصويــر األســتاذ جميــل،وهــى لــن
تخــذل حلمهــا هــي تديــن حقــا لألســتاذ جميــل بهــذا
الفضــل،فهــو مــن دلهــا علــى شــغفها وعلمهــا الكثير
وعاملهــا كابنتــه تمامــا،حتــى حينمــا دخلــت الكلية
كان يعيرهــا أدوات عمــاد التــي لــم يعــد يســتعملها،
وأول كاميــرا اقتنتهــا رؤى كانــت هديــة النجــاح مــن
أســتاذ جميــل بل أنهــا ال تنســي صورته التــي حمضها
وبروزهــا ووضعهــا بمدخــل االســتوديو فكانــت أول
شــيء تقــع عيناهــا عليــه هــي بــرواز مــن تصويرهــا
حينمــا لمســت أقدامهــا المــكان،وبذلــك فهــي ال
تنســي أنــه كأبيهــا تمامــا،حتــى أن رائــد خطيبهــا
الســابق حينمــا حــدد معــاد الخطبــة أصــرت عليــه
أن يأتــى معهــا االســتوديو لدعــوة األســتاذ جميــل،
فكانــت بذلــك أول فتــاة تخطــب مــن أبيــن فــي
نفــس الوقــت،وكــم كانــت ســعادة األســتاذ جميــل
عظيمــه بلقــاء والــد رؤى األســتاذ ناجــى المحاســب
بشــراكت مدبــوىل لصناعــة األثــاث،فقــد كان والدهــا
نموذجــا لــاب المثالــى كمــا وصفــه األســتاذ جميــل،
وقــد نشــأت صداقــة قويــة بينهمــا منــذ ذلــك اليــوم،
لــم تغــب عــن عيــن رؤى أبــدا لحظتهــا األوىل
فــي اســتوديو جميــل الشــهير وهــى تلــك الفتــاة
البســيطة الصغيــرة التــي جــاءت لتتــدرب فــي أشــهر
األســتوديوهات بمدينتهــا،قابلــت حينهــا تلــك الفتــاة
التــي كانــت تكبرهــا بخمســة أعــوام،كانــت تتميــز
نبــع بجمــال طبيعــي ولكنهــا كانــت تعــرف كيــف
تظهــره ليبــدو اقــوى وأعمــق،وهــذا أول مــا علمتــه
لــرؤى،مــا زالــت تتذكــر كلماتهــا:
العيــون يــا رؤى تعكــس مــا نقــول ومــا ال نقــول،وأن
كنــت ســتتمرنين علــى تصويــر البورتريــه فيجــب
عليــك اوال أن تــوىل عيــون العمــاء اهتمامــا الئقــا،
ولكــن كيــف توليهــم ذلــك االهتمــام بــدون أن توىل
عيونــك أهتمامــا؟ فاقــد الشــيء ال يعــرف كيــف
يعطيــه.وأخذتهــا نبــع مــن يدهــا قائلــه:هيــا تعالــى
معــى فــي غرفــة التصويــر ألريــك كيــف تضعيــن
ظــال العيــون.
بعــد مــرور عشــرة دقائــق،هــا،أنظــرى كيــف
أصبحت؟فتحــت رؤى عينيهــا ببطــئ ولــم تســتطع
للوهلــة األوىل أن تصــدق أن المــرأة تعكــس صورتهــا
هــي ..كانــت أجمــل بكثيــر ممــا أعتــادت عليــه مــن
نفســها،وللحظــة ظلــت تبحــث بعينيهــا فــي الغرفــة