ما قصة الخمار الأسود
قصة أغنية قل للمليحة في الخمار الأسود
هل تعلم أن أغنية قل للمليحة في الخمار الأسود ما هي إلّا إعلان !
كان للشعر مكانة مهمّة في العصور السابقة و شعر الغزل و الحب دائماً ما يتفوق على الموضوعات الأخرى بالانتشار والاهتمام عند النّاس لأنّه يُحرّك المشاعر و يُشغل الخيال.
وكما ورد في كتاب الأغاني للأصفهاني تعود كلمات الأغنية إلى العصر الأموي فيُحكى أن تاجرا عراقيا قدم إلى المدينة المنورة لبيع الخمر النّسائية فبيعت كل الألوان عدا اللون الأسود منها أعرضت النّساء عن شرائه فلم يرض التاجر العراقي بمغادرة السوق قبل بيع بضاعته ففكر في حيلة لإقناع النساء بشراء الخمار الأسود.
وفي ذاك الوقت كان الشاعر ربيعة بن عامر التميمي الملقب ب (مسكين الدّارمي ) وهو من أكثر الشعراء شهرة في العصر الأموي قد اعتزل الشعر ومجالس الغناء واللهو واختلى بأحد المساجد يرجو رحمة ربه فذهب إليه التّاجر العراقي و طلب منه المساعدة في بيع ما تبقى من بضاعته خوفاً من كسادها فرفض مساعدته ولكنّه غيّر رأيه حين أكد له أنه سيفلس و يتدهور وضعه المادي إذا لم يتمكن من بيع الخمر السود.
حينها أنشد الشاعر الدّارمي أبياتا تصور ناسكا اعتكف في المسجد واعتزل الدّنيا ولكن سيدة ترتدي خمارا أسود أغوته وحركت مشاعره فهام في حبها
قل للمليحة بالخمار الأسود
ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه
حتى وقفت له بباب المسجد
فسلبت منه دينه ويقينه
وتركته في حيرة لا يهتدي
ردي عليه صلاته وصيامه
لا تقتليه بحق دين محمد
فكانت الأبيات مقنعة لأنّه أسقطها عليه هو الشاعر المعتكف الزاهد الذي ترك كلّ شيء إلا أن نظرات المرأة المخمرة سلبت عقله.
وعلى الفور أُنشدت الأبيات بصوت جميل وانتشرت في المكان و انتشر أيضاً أن مسكين الدّارمي ترك الزهد بعد أن رأى امرأة ترتدي خمارا أسود فأقبلت النساء على شراء بضاعة التاجر العراقي اعتقاداً منهن بقدرة الخمار الأسود على سلب ألباب الرجال.
وتغنى الأبيات في المقامات الشرقية مثل الحجاز والصبا والنوى و قد تناقل الناس في المقاهي و السهرات هذه القصة حتى وصلت إلينا.
و من أجمل الأصوات التي غنت هذه الأبيات الجميلة في عصرنا الحديث و قدمها بأداء رائع الفنان الراحل صاحب الصوت الجميل صباح فخري الذي عُرف بحبّه للأدب القديم و لكنّه غناها بعد تنقيحها و زيادة بعض الأبيات عليها للتناسب مع الموسيقى و الغناء و ما زالت هذه الأغنية من أحلى الأغاني التي يستمع إليها الناس و يُطربون مع كلماتها العذبة في سهراتهم و لياليهم الهادئة حتى هذا الوقت.