صغيرتي والدرس الثالث بقلم ماهين شيخاني
- رفعت كتفيها للأعلى، طيب أبي مثلما ترى..!
تمعنت في وجهها ولبراءتها، ثم مسحت رأسها بلطف قائلًا: ماذا قلت لك يا حبيبتي قبل الغداء..؟
- بغصة مخڼوقة وصوت خاڤت يكاد لا يُسمع، وعيناها لا ترتفعان عن الأرض، قائلة:
قُلتَ إنك ستمنحني النقود عندما أحصل على علامات جيدة بعد الانتهاء من ساعة الخصوصية.
- وكم كانت الساعة حينها؟ الخامسة، أليس كذلك..؟!
- نعم عندما ذهب المُدرس، والآن الثامنة، أليس كذلك..؟!
- لماذا لم تطلبي حقك حينها..؟! ثم لماذا تنازلت من الألفين إلى الخمسمائة، وأنا أعطيكم كل صباح ألفين، واليوم كانت عطلة المدرسة، ومن ثم قبلتِ التأجيل إلى الغد. حبيبتي أنا اختبرتك، إذا لم تدافعي عن حقكِ لن يعطيكِ أحد إياه، هذا هو الدرس الذي يجب عليك أن تتعلميه في حياتك، ولا تنسيه أبدًا، وأيضًا هناك شيئان، أولًا: لا تؤجلي عمل اليوم إلى الغد، إن كان تحضيرك لدروسك المدرسية أو دروسك الخصوصية، أعلم أنها صعبة عليكم، وبخاصة في المدرسة لغة كوردية، ومع الدروس الخصوصية للغة العربية.
ثانيًا: الكبار يا صغيرتي إذا وعدوا عليهم التزام بالوفاء،
الكبار لا ېكذبون (توقفت على هذه الجملة وأنا غير مقتنع بتاتًا بهذا الأمر، لأن بعض الكبار ېكذبون ويعلمون أنهم ېكذبون، وبالأخص الساسة). لا يجب التملص من حقوق الآخرين، وبالذات الصغار، هل فهمت ما أعنيه؟ والدك وعدك، سيفي بوعده. وأخرجت النقود من فئة الألفين لكليهما، خذي لك ولأختك.
تفتحت أسارير وجهها، وارتسمت على ثغرها ابتسامة خجولة، وارتمت لحضني قائلة: اسمح لي بقبلة على خدك. وانصرفت. عاينتُ أثرها، وفكّرتُ بجملة الكاتب أنطون تشيخوف فعلًا: ما أبشع أن تكون ضعيفًا في هذه الدنيا..؟
ونحن مثل هذه الطفلة ضعفاء في هذا العالم، لا سند لنا ولا دولة تنوب دور الأب.