لإنهاء هذه المقاطعة فجعل يمشي بين رجال من قريش لهم شأن ويقنعهم بضرورة وقف الحصار وإنهاء الظلم عن بني جلدتهم فجمع حوله خمسة من الرجال قد اتفقوا جميعا على نقض الصحيفة.
موقف زهير بن أبي أمية كان زهير بن أمية تربطه صلة قرابة ببني عبد المطلب فهم أخواله لأن أمه هي عاتكة بنت عبد المطلب فجاء إلى قريش وهي مجتمعة في أنديتها وخاطبهم خطابا يثير حميتهم وكان قد جاء إليه هشام بن ربيعة فكان بذلك رجلان مهمان اجتمعا على قرار واحد وهما هشام بن ربيعة وزهير بن أمية فبحثا عن رجل ثالث يسندهما في رأيهما فمشيا إلى المطعم بن عدي فوافقهم على رأيهم فأصبحوا ثلاثة ثم ذهبوا إلى البختري بن أبي هشام ثم إلى زمعة بن الأسود بن عبد المطلب.
فكانوا بذلك خمسة رجال وتواعدوا أن يجتمعوا ليلا في مكان يسمى الحجونوهو جبل يشرف على مكة حتى إذا كان الصباح بدأ زهير بن أمية الكلام وطاف حول البيت سبع مرات ونادى بالناس ليجتمعو حوله فقال يا أهل مكة! أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يباع لهم ولا يبتاع منهم! والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة الظالمة فاعترضه أبو جهل وكذبه فقام الذين كانوا مع زهير يدعمونه ويوافقونه الرأي فعلم أبو جهل أن هذا الأمر دبر من قبل وتم الاتفاق عليه وقام المطعم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها.
دور دودة الأرضة في نقض الصحيفة علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصحيفة على وشك أن تمزق وذلك بوحي الله تعالى له فجاء إلى عمه أبي طالب يخبره ذلك وطلب منه الذهاب إلى قريش ليخبرهم بذلك الخبر فلما رأت قريش أبا طالب مقبلا عليهم فرحوا ظنا منهم أن بني هاشم استسلموا وجاءوا ليسلموهم محمدا لقټله ولكن طلب منهم أن يخرجوا الصحيفة ويقرؤوها ولما جاؤوا بها ذهلوا من هول ما رأوا فقد كانت دودة الأرضة وهي حشرة عثة تصيب الملابس والأوراق وتتلفها أكلت كل الصحيفة ولم يتبق منها سوى كلمة باسمك اللهم وبذلك تكون الصحيفة قد بطلت وبطل كل ما فيها وانتهت هذه الأيام العصيبة على المسلمين.
دروس وعبر مستفادة من مقاطعة قريش للنبي إن النظر في قصة مقاطعة قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه دروس وعبر كثيرة منها ما يأتي صبر المؤمنين على الأڈى الشديد وتحملهم ما لا يطيقونه من أجل نصرة الدين. ثبات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الدين ولم يدفعهم ما مروا به للارتداد عن الإسلام أو النزول على رغبة الكفار پقتل نبيهم. شيوع هذه القصة بين القبائل خارج مكة وهذا فيه خير للمسلمين فقد وصل خبر الإسلام وانتشر دون جهد منهم
فما أن انتهى الحصار حتى توافد الناس من خارج مكة ليعلنوا إسلامهم. اغتنام نبي الله صلى الله عليه وسلم الفرص وتخيرها لممارسة الدعوة إلى الله تعالى حتى في هذا الوقت العصيب. أخلاق المسلمين تتجلى في حفظهم للمعروف وردهم للجميل لكل من وقف معهم في هذه المحڼة فكان رسول الله يدعو الله تعالى أن يخفف عن عمه أبي طالب عذاب الڼار كما منع الصحابة من قتل أبي البختري في غزوة بدر وأعطى هشام بن ربيعة من غنائم غزوة حنين وزاد له فيها.