رواية مزيج العشق (الفصول كاملة) بقلم نورهان محسن
في منزل الحج عبدالرحمن
هتف زين بصوت جهوري:x السلام عليكم
توجهت نظرات روان وجمال الي زين الواقف بثبات امامهم، لكن ملامح وجهه وتكور قبضته بعصبيه يعكسون مدي حنقه الداخلي، فالغيرة نار والقلب حطب، فإن لمست قلبك الغيرة، فإعلم أنه سيحرق: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ارتفع نبض قلبها من فعلته، وأنذهلت من قبضته القوية على كتفها، لكنها رغم ذلك الالم كانت سعيدة جدًا بقربه منها.
تخدرت قليلًا من رائحة عطره الذي استنشقته، والذي سحبها إلى عالم وردي، ولم تلحظ النظرات الحارقة والحرب الباردة بين زين وجمال.
روان بإنتباه: نعم بتقولي حاجة يا ماما؟
حنان بإستغراب: وه بقالي ساعه بكلم يا بنتي.. قومي مع جوزك يغير هدومه.. وانزلو بسرعه عشان نتغدي.. ابوكي وصل وقاعد مع جدك في المندرة
رأت يد زين ممدودة إليها، فنهضت واضعة يديها في يده، فأمسك بيديها برفق وصعدت معه إلى الطابق العلوي.
نعود الي الشركة
أنهى أدهم الاجتماع ودخل المكتب، فرأى ياسمين تتفحص الأوراق بهدوء أمامها، أو بتعبير أدق، متظاهرة بالقراءة.
التفت إليها متفاجئًا بكلامها قائلًا بصوته الرخيم: ماقالتش رايحة فين؟
ياسمين بكذب: لا يا فندم
تركها ليدخل المكتب
عند زين وروان
دخلوا الغرفة معًا، فتركت يديه وذهبت إلى الخزانة، تبحث له عن ملابس مريحة، فهي اصبحت تهتم بكل مايخصه وهذا جعل مكانتها في قلبه تزداد اكثر.
تجعد حاجباها بدهشة عندما شعرت أنه يقف خلفها مباشرة، ويحجب الضوء عنها بطول قامته.
لذا تحركت للالتفات إليه، لكنها لم تستطع فعل ذلك لأنه كان قريبًا جدًا منها، وشعرت أن ظهرها أصبح ملصقا لعضلات صدره تماما.
انحنى زين، وهو يهمس بجانب أذنيها بصوت أجش بسبب انفعاله الشديد، وغضبه الذي استمر بكتمه في الأسفل.
زين بفحيح: كنتي بتضحكي مع اللي اسمه جمال دا ليه؟
صدمت من حركته وشعرت بحرارة جسده تشع في جسدها، لم تستطع الرد عليه لأنه كان قريبًا جدًا منها، لكنها حاولت إخراج صوتها
روان بهمس متقطع: احم.. احنا.. كنا...
لم يفهم كلامها، فأدارها إليه
هرب منها الكلام
رمشت روان عدة مرات بتوتر والخجل يغلفها، وهي تقف أمامه ويحصرها بينه وبين الخزانة بعد أن رفع ذراعيه، وسندهما على الخزانة حتى أصبحت محاطة بجسده من الجانبين.
تمتم زين بخشونه: كنتو ايه؟!
هل يمزح، كيف يتوقع منها أن تتحدث عندما تكون في هذا الموقف؟
وضع إصبعه تحت ذقنها ورفع وجهها إليه، فحدقت في عينيه بشرود، وهو في انتظار ردها.
همست روان بعقل غائب: عادي.. كنا بنضحك
قرب وجهه اليها اكثر، فلم يعد يفصل بينهما مسافة تذكر، وأنفاسه الحارة اختلطت مع انفاسها وتلفح بشرتها بإث،ـارة.
زين جز علي اسنانه بغيرة: مافيش حاجة اسمها عادي.. انا مش عايزك تضحكي معه تاني مفهوم كلامي
شعرت بفرح كبير في داخلها عندما انتبهت لنبرة الغيرة في صوته، لذلك أرادت الاستفادة من الموقف قليلًا، ولكنها لم تفكر في العواقب.
تمتمت قائلة بمشاكسة وبراءة: ليه يعني دا زي اخويا ؟
زين بحزم: انتي مالكيش اخوات غير ماجد وبس
ابتسمت له بإستفزاز: لا ليا
نظر زين إليها بحاجب مرفوع، فواصلت حديثها بإندفاع: انت.. مش دا كان كلامك ليا في اول جوازنا اننا هنعيش اخوات واحنا فعلا زي الاخوات اهو.. يبقي جمال كمان اخويا زيك
أغمضت عينيها بخدر أثر على جسمها بالكامل من عنف قبلته وحركة يديه على خصرها، ولم تعد قادرة على الوقوف على قدميها، فرفعت يديها المرتجفه من المشاعر المفرطة التي تختبرها للمرة الأولي في حياتها، ممسكة بكتفيه تتثبت به في محاولة مجارته
همست بإسمه في استسلام وسط : زين؟
نظر في عينيها وهو يتنفس بعمق من فرط انفعاله: خلاص كدا عرفتي الفرق بين جوزك واخوكي ولا اكمل عشان تتأكدي أكتر
احمرت خجلًا من كلماته الجريئة، وحاولت التركيز بصعوبة، وهي تهمس في اضطراب واضح: الغداء يا زين هنتأخر عليهم
همس زين بمراوغة: اخ نسيت خالص الغداء دا.. بس احنا ممكن ماننزلش ونطنش.. هما هيفهمو السبب
أنهى كلماته بغمزة لها بعينه
تمتمت في ارتباك وهي تكاد تذوب من قربه المهلك منها، وأنفاسه الحارة التي أشعلت جسدها بحرارة لذيذة وتمنت البقاء معه أيضًا،
لكنها همست بالعكس، فهذه المرة ليست مناسبة حقًا، فالجميع منتظرين في الأسفل: ماينفعش يا زين كدا لازم ننزل
همس زين بإبتسامة امام شفتيها: طول ما انتي بتنطقي اسمي بالطريقه دي ماطلبيش مني اني اسيبك واسمعي كلامي احسن
وضعت روان يديها على صدره، في محاولة دفعه بعيدًا، ونظرت إليه في رجاء ترمش بعيونها واسعة: خلينا ننزل نتغدي الاول وبعدين نتكلم عشان خطري
توتر جسده عندما لمست صدره، فأمسك بإحدى يديه كفها الصغير الذي تضعه على صدره
تنهد زين بقلة حيلة قائلا بإبتسامة ساحرة، وقرص طرف انفها برفق: ماشي بس اوعي تضحكي للي اسمه جمال دا تاني
ضحكت روان بخفة سعيدة كثيرا بتغييره معها وقربه منها وغيرته عليها، ثم أومأت برأسها دليل علي موافقتها.
في البداية لم يعرف سبب شعوره بالقهر والغضب من حديث جمال عن روان أمامه، لكن الأمر أصبح واضحًا الآن، فكما يقال، إذا وجدت نفسك تشعر بالغيرة علي شخص ما، تفقد مشاعرك جيدًا، قد تكون في حالة حب وانت لا تعلم.
والآن أصبح واثقًا أن الشعور الذي يكمن بداخله هو عشق وحب كبير جدًا، فهو لا يطيق تحمل رؤيتها تمزح مع أي شخص، ولا يريد ان يفقد السيطرة علي نفسه ويجرح مشاعرها، فالغيرة نار تحرق من يشعر بها وتحرق الحبيب أيضًا، انه يريد ابتسامتها الرائعة أن تكون بسببه وهو فقط.
رغم ما حدث له في تجربته السابقة بالحب، وتعرضه للخيا،ـنة وانعدام الأمان الذي شعر به في ذلك الوقت، لكن منذ أن تزوج روان وقد تغيرت كل مفاهيمه عن الحب.
لقد داوت تلك الطفلة جراح قلبه وروحه ببراءتها ونقاوتها وصبرها، وكذلك حبها الواضح في كل تصرفاتها، وقريبًا ستصبح زوجته فعليا.
لكنه قبل ذلك يجب عليه أن يصلح ما أفسده معها في بداية علاقتهما معًا، فهو يعلم أنه أساء إليها برفضه، ولا يستطيع المطالبة بحقوقه الزوجية معها الآن دون أن يعترف لها بمشاعره تجاهها أولًا، رغم انه يتوق شوقا اليها.
بعد مرور ساعه في مكتب ادهم
وقف أمام النافذة ينفس الدخان بغضب، فهذه من عاداته السيئة عند التوتر يدخن السجائر، ولكن ليس كثيرًا للحفاظ علي لياقة جسده وصحته.