رواية مزيج العشق (الفصول كاملة) بقلم نورهان محسن
نظر أدهم إليها، مندهشًا من وقوفها الصامت، وهي تتحدث معه عادتا عندما تأتي إليه، فسألها باهتمام: خير يا دادة انتي حاسة انك تعبانه!!
أجابت كريمة بتلعثم متوترا بعض الشئ: لا يا ابني الحمدلله انا كويسة
قالت كريمة بتردد: ادهم بيه انا كنت عايزة اتكلم معاك في موضوع كدا
ترك أدهم القلم من يده واتكأ ظهره على الكرسي، قائلًا بتوجس: طالما فيها ادهم بيه يبقي في مشكلة اكلمي من غير لف ودوران في ايه
تنهد ادهم بضجر من مماطلتها له، وقال بينما يفرك فروة رأسه بإنزعاج: يا دادة ادخلي في الموضوع علي طول الله.. انتي عارفاني مابحبش المقدمات الله يرضي عليكي قلقتيني
رفعت كريمة كتفيها دلالة علي عدم معرفتها وأردفت: معرفش والله يا بني.. انا بعد ما هي خرجت للجنينة قبل ما انتو تنزلو.. دخلت لميت كل الكوبيات.. رميت اللي فيها وصبيت لكل واحد فيكم في كوبيات تانية نظيفة.. لزوم الاحتياط ما هو انا معرفش هي حطت لمين تاني غير ست كارمن
أومأت كريمة بطاعه وهمت لتغادر الغرفة: حاضر عن اذنك
صباحا في اليوم التالي
داخل إحدي المقاهي بجانب القصر، حيث يجلس أدهم ويبدو عليه الشرود بعيدا بتفكيره.
فرك أدهم عينيه متعبًا، حيث كان جالسًا على هذا الوضع لأكثر من ساعتين.
زفر ثم سند رأسه على مرفقيه أمام الطاولة منهكا، لأنه لم يتذوق طعم النوم منذ أمس.
سيفقد عقله من كثرة التفكير في تصرفات تلك المجنونة التي تجلس في منزله، ولا يدري ما الذي تخطط له وما المخزي من فعلتها.
همس ادهم بوعيد حاقد لنفسه: ياريت اللي في بالي يكون غلط عشان وقتها مش هرحمك يا نادين
انقطعت أفكاره بسبب رنين هاتفه فأجاب بلهفة: ها يا دادة في جديد
نظرت كريمة جيدًا حولها بشك، لكي تتأكد من عدم وجود أحد ما قد يتنصت عليها، حيث لم تعد تشعر بالراحة إلى معظم الخدم في القصر، ثم قالت بصوت منخفض: الست نادين خرجت من خمس دقايق يا ادهم بيه
قال ادهم بتحذير: ماشي اوعي يكون حد حس بحاجة عندك
تنهدت كريمة وقالت بنفي: لا مافيش
زفر ادهم وقال ببرود: تمام سلام
نهض بسرعة وهو يتأكد من وجود مفاتيح السيارة في جيبه، ثم سرعان ما غادر المقهى متجهًا مباشرة إلى القصر.
في شركة البارون
دخل يوسف مكتبه الذي يتشاركه مع زميله كإعصار دون أن ينبس ببنت شفة.
هتف بإستغراب: السلام لله يا اخينا
تمتم يوسف بحنق: وحيات ابوك تسيبني في حالي يا سامر
قام سامر من مقعده وذهب، ليجلس فوق مكتب يوسف وقال: خير يا ابني.. وشك مالو مقلوب ليه كدا.. ما ترد عليا هفضل اكلم مع نفسي
حدق يوسف فيه بنظرة غاضبة، وقال بغيظ: سمعت كلامك وجربت معها مرة واتنين وعشرة كل يوم مافيش اي فايدة
ضرب سامر كف علي كف، وهو ينظر إليه بحاجب مرفوع، وقال بذهول: اما انت امرك عجيب صحيح.. منين تعجب بوحدة تانية وانت خاطبها ودلوقتي شاغل بالك بها وحليت أوي في عينك
زفر يوسف بحرارة، قائلا بغضب من نفسه: كنت اعمي ارتحت كدا
ثم أضاف بندم غاضبًا، بينما كان يضرب سطح المكتب أمامه بقوة: بس انا استحق اللي بيجرالي دا واكتر.. عشان جريت ورا وحدة زي رانيا دي.. معرفش عقلي كان فين !!
ربت سامر على كتفه بمواساه، قائلا بتشجيع: خلاص طالما فوقت لنفسك وعايز تصالحها لازم تتعب شوية
فرك يوسف عينيه بإرهاق، وقال بتنهيدة مؤلمة: بقالي شهور بحاول معاها وروحت لأبوها كذا مرة.. بيقولي نفس الجملة دي بنتي الوحيدة وانت من علي البر ماعرفتش تحافظ عليها اومال بعد الجواز هيحصل ايه
دعك سامر ذقنه، وقال بتمتمة: عنده حق اب ويهمو مصلحة وامان بنته انت اللي غلطان
أومأ يوسف بتفاهم وقال مرددا حديث صديقه: صح مافيش حاجة بتحصل بالساهل عندك حق.. انا ماكنتش عارف اني بحبها بالشكل دا الا لما رجعتلي الدبلة وبعدت عني
واضاف بغيظ: بس هي دماغها حجر ربنا يقدرني عليها
قال سامر بتحذير: خد بالك هي اكيد فقدت الثقة فيك ومش بسهولة هتقدر تسامحك وتنسي وحتي اذا سامحت هتفضل تخنقك بشكها فيك وهيكون ليها حق..
حملق به يوسف بعيون تلتمع بحزن وقال: انا برده انسان مش معصوم من الغلط يعني.. وربنا بيغفر ليه هي ما تغفرليش اول غلطة ليا
بسط سامر كفيه أمامه قائلا بهدوء: هي مابقتش عايزة تكمل معاك كل بنت حسب طاقتها في ست تسامح وست ما تقدرش.. لو مراتك كانت ممكن تديك فرصة لكن دلوقتي هي قفلت الباب في وشك وانتهي الموضوع.. نصيحة من صحبك سيبها في حالها وشوف نصيبك بعيد عنها.. انت جرحت كرامتها والست رانيا الله يكرمها ماسابتش حد الا وقالتلو انك سيبت نسمة عشان خاطرها
تمتم يوسف بصوت خفيض: دي بنت تيت انا فعلا ندمان اني عبرتها من الاول..
ثم قال مردفا بعزيمة: بس مش هستسلم بسهولة وهفضل احاول يمكن وقتها تقتنع اني فعلا بحبها وشاريها
تنهد سامر بقلة حيلة من صديقه، وصمت ليعود إلى عمله.
عند ادهم
دخل أدهم القصر، وصعد الدرج بسرعة حتى لا يراه أحد من الحاضرين بالأسفل.
ذهب أدهم مباشرة إلى جناح نادين، وحالما دلف إلى الداخل، بدأ يبحث في كل مكان وقعت عيناه عليه حتى وجد أخيرًا ما كان يبحث عنه في خزانة ملابسها.
جلس على السرير، وقلب فيما وجده الذي كان عبارة عن مجموعة من علب الأدوية، والعديد من الأقراص المختلفة.
أخرج هاتفه وكتب أحد أسماء تلك الأودية، وبدأ يبحث عن ما تكون تلك الأشياء.
برزت عيناه مما اكتشفه، وكأنه قد تلقى للتو صفعة قوية، فما هي تلك الحبوب إلا من أجل منع الحمل، ومن عيار شديد وخطير أيضًا، كيف لم يفكر في تلك النقطة، كيف له أن يغفل عما قد تفكر في فعله تلك الأفعي السامة؟
اشتعل قلبه بالحقد والكراهية تجاه تلك الحية التي تفرز سمها في كل مكان حولها، وهو مثل الأحمق الذي لا يدري شيئا عما تفعله، وقد يؤدي إهماله هذا إلى إصابة تلك المسكينة بالأذي التي لا ذنب لها فيما يجري من حولها.
ضغط أدهم علي تلك العلبة في قبضته حتي اعتصرها بقهر، واعدًا نفسه أنه لن يرحمها، ثم نهض بغضب جحيمي وهلع إلى الطابق السفلي، ليهدر بصوت جهوري: كريمة
بعد لحظات هرولت راكضة إلى عنده بسبب صوته الذي نادرا ما يكون مرتفعا جدا إلا إذا كان في قمة غضبه: ايوه يا ادهم بيه
أمرها أدهم بعيون حمراء ونبرة حادة: اول ما توصل نادين من برا يا كريمة ماتخليهاش تطلع لفوق تجيبها علي مكتبي فورا مفهوم
أومأت كريمة بطاعة، وهي تدعي في خاطرها أن يمر هذا اليوم علي خير: امرك حاضر
عند كارمن في توقيت العصر