امرأة لا تخشى الوداع بقلم الكاتبة مــروة أحمـــد
هــذا المحلــول سيســاعدها علــى ارتفــاع الضغــط،
فقــد أصيبــت بهبــوط شــديد فلجــأ الجســم لوضــع
األغمــاء فــي محاولــة الســتعادة انتظــام الــدورة
الدمويــة..ستتحســن خــال الســاعات القادمــة
وســأعود لرؤيتهــا فــي الصبــاح.جــال:
شكرا يا دكتور .مع السالمة.
تســبب لهــا فــي مــا حــدث تســتوقفه قصــة علــى
شاشــة جهازهــا الصغيــر بعنــوان (صمــت األنيــن)
كانــت تســجلها قبــل أن تتوجــه إلــى المطبخ مشــغولة
الذهــن،مثقلــة القلب،يشــده العنــوان فيجلــس ليقرأ
بعــض األســطر ببعــض الفضــول ولــم يتخيــل أنهــا
الفتــاة فــي تلــك اللحظــة وهــو يمازحهــا،شــعرت بهذا
األلــم يســرى فــي جســدها كامــا وكأن أحدهــم قــام
بغلــق منافــذ األوكســجين،كانــت تســتقبل الكلمــات
مثــل طلقــات ناريــة تختــرق العظــم،كيــف لكلمــات
أن تثقــب قلبــا؟ تــردد بداخلهــا أه لــو تعلــم مــا أشــعر
!! لــم تســتطع أن تسترســل فــي هــذه التمثيليــة لتبــدو
واثقــة ويســتمر هــذا المــزاح علــى حســاب جرحهــا
الغائــر،ذلــك الجــرح الــذي حــدث منــذ ســنوات ولــم
يلتئــم بعــد،برغــم كل محاوالتهــا،عــادت بالذاكــرة
إلــى تلــك اللحظــة القديمــة حينمــا كان يحدثهــا
ومــدى أعجابهــن بــه،كان مزاحــه دائمــا ثقيــا بهــذا
الشــكل،واكنــت تدعــى الثقــة والــا مبــاالة بالرغــم
مــن أن قلبهــا كان يعتصــر مــن الداخــل،إلــى أن
ســألها يومــا مــاذا ســتفعلين أذا أخبرتــك أننــي
أحــب ســواك؟ حينهــا أجابــت بألــم لــن أفعــل شــيئا
األســتجداء الــذي تتقنــه فتيــات هــذه األيــام،كان
ينبغــى أن تقــول ســأهد الدنيــا فــوق رأســيكما،حتــى
وأن كانــت لــن تفعــل،ولكنهــا لــم تقــل..
حينمــا علمــت بعــد ذلــك أن مــا قالــه حقيقــي لــم
تفعــل ســوى ما قالتــه،وغــادرت عالمــه بالفعــل.كان
الــذي أعتصــر قلبهــا ولكــن مــا قــرأه فــي الســطور
ًالتاليــة هــو مــا أدهشــه فعــا.
_ اآلن أشــعر بنفــس األلــم مــن جديــد،اآلن فقــط
أعتــرف أننــي معقــده .نعــم يبــدو أننــي أنثــي معقــدة
أخــاف علــى قلبــي حــد الرعــب،أنثــى تقضــى
ايامهــا تطمئــن هــذا القــب،ال تخــش يــا صديقــي
فنحــن اآلن بخيــر،لــن يتركنــا هــذه المــرة،ال تخــش
علــى مكانتــك اقســم لــك أنــك ال ينازعــك عليهــا
أحــدا ! يوميــا تعيــد علــى قلبهــا تلــك الكلمــات،ثــم
تســتدرج إلــى هــذا الحــوار فــي كل مــرة علهــا تســمع
مــا يهــدئ مــن قلبهــا المضطــرب وتعــود لنفســها
مــن جديــد بنفــس النتيجــة وباتفــاق أخيــر أنهــا
لــن تســتدرج لمثــل هــذا النــوع مــن الهــزل .إلــى أن
وصلــت فــي هــذه اللحظــة أنهــا لــم تعــد تســتطيع أن
تفصــل بيــن الجــد والهــزل،تــدور بعقلهــا مفــردات
تلــك الجملــة مــرة بعــد مــرة وهــو يقــول أنــه ســيظل
محتفظــا بهــذا الجــزء من شــخصيته (الحبــوب) حتى
وأن لــم يظهــر لهــا أو ال تعلــم !! أي شــخص الــذي
يتحمــل ذلــك؟ وأى مقابــل هــذا الــذي يجعلهــا تقبل
أن يعجــب بأخريــات ويالطفهــن بعلمهــا أو بــدون؟؟
ألــم يغيــر الزمــن شــيئا بعــد كل هــذه الســنوات؟
بالرغــم أنهــا تــرى حبــه لهــا وحنــان قلبــه وكرمــه
معهــا،ولكــن ..حيــن تصطــدم بتلــك الجمــل ال
يمكنهــا التمييــز بيــن الهــزل والجــد،القــرارات
والمشاكســات،كانــت عيون جــال ممتلئــة بالدموع
وهــو يتابــع كل حــرف ممــا ســجلته جميلــة بينمــا
يحبــس أنفاســه وهــو يتابــع الكلمــات القادمــة وقلبــه
ممتلــئ بالرغبــة الصادقــة فــي احتواءهــا واالعتــذار
لهــا،فــي هــذه اللحظــة أن كان مــا ســمعته حقيقيــا
فســأغادر بهــدوء،فقــد ســئمت التنمــر علــى قلبــي
المتعــب .فــي الكــون متســعا لنــا،وهنــاك الكثيــرات
غيــري ممــن يتحملــن ذلــك المــزاح البغيــض بصــدر
رحــب.
شــرد جــال بعــد قراءتــه قرارهــا األخيــر وأدرك أن
هــذه هــي الحالــه التــي ذهبــت بهــا إلــى المطبــخ
قبــل أن تجــرح يديهــا وهــي شــاردة أو مأخــوذة كليــا
فــي عالــم مــن أمــواج األفــكار المتالطمــة فــي رأســها
المشــوش وقلبهــا المتعــب.أنــا الســبب،هكــذا نطــق
بهــا جــال مؤنبــا نفســه،ذهــب ليلقــي نظــرة عليهــا
ووجدهــا مــا زلـ ِ
ـت فــي نومهــا العميــق،وقــد أوشــك
المحلــول علــى نهايتــه،جلــس بجوارهــا يفكــر:
_تعتــذر هــي عــن جــرح يدهــا والفوضــى التي ســببتها
فــي المطبــخ،فمــاذا عــن جرحــى أنــا لهــا؟ أنــا مــن
جرحهــا بســهام كلماتــه وهــو يمــزح وأتيــت ألوقــظ
هــذا الجــرح مــن جديــد،برغــم أنهــا ذكــرت مــرارا
أنهــا ال تفضــل هــذا المــزاح.اقتــرب منهــا يتفحــص
النبــض ودرجــة الحــرارة،يبحــث عــن أي أشــارة
لعــودة وعيهــا حتــى يعتــذر لهــا عمــا بــدر منــه،فهــو
حتــى وان لــم يخنهــا فعليــا فقــد فعلهــا لفظيــا،حينما
أســتفز قلبهــا ومشــاعرها بهــذه الممازحــات الثقيلــة
عليهــا،كانــت جميلــة تحــاول فــي تلــك اللحظــة أن
تفتــح عينيهــا بصعوبــة،أمســك يدهــا وقبلهــا هامســا
فــي أذنيهــا:أنــا بجــوارك يــا جميلتــى..كمــا كانــت
تحــب ان يناديهــا،ثــم أكمــل:
_أســف لقــد كنــت الســبب فــي كل مــا مــررت بــه
اآلن،كان مزاحــا ثقيــا وأعــدك أننــي لــن أكــرره،
أطمئنــى فأنــا ال أري فــي الدنيــا غيــرك،وعــذرا ألنهــا
جــاءت كاعتــراف متأخــر ولكننــي ظننــت أنــك
تعلميــن ذلــك،أنــا حقــا ال أريــد ســواك.